بسم الله الرحمن الرحيم
محكمة الاستئناف الخرطوم
الدائرة التجارية
م أ / ط ب/ ٢٢ التحكيم / ٢٠٢٢
اعضاء الدائرة:
السيد/ د. السموال عبد الرحمن/ رئيساً.
السيد / عثمان عطا المنان طه أحمد / عضواً.
السيد/ طارق دفع الله وهب الله / عضواً.
الاطراف:
عبد الله محمد الأمين (أعمال المؤهل الهندسية) - (مقدم الطلب)
//ضــد//
البنك الزراعي السوداني - (المقدم ضده الطلب)
ــــــــــــــــــ
الحكم صادر من هيئة التحكيم في الاجراءات طلب بطلان تحكيم (۲۰۲۲/۱۲م)
ـــــــــــــــــــ
الحكم:
الرأي الأول:
بتاريخ ٢٠٢٢/٨/٢١م أصدرت هيئة التحكيم برئاسة د. ابراهيم محمد احمد دريج وعضوية كل من:
١/ ا.د صلاح الدين عبد العزيز عجبان.
٢/ المستشار العام محمد عبد الرحمن.
اصدرت قراراً قضى بالآتي :
تنهى إجراءات التحكيم .
يسلم الأطراف نسخة من الحكم.
يُسمح للأطراف بالاطلاع .
في مواجهة ذلك القرار تقدم الاستاذ/ عبد الوهاب عابدين بطلب مراجعة أمام هيئة التحكيم بنفس التاريخ إلا أن طلبه ثم رفضه بتاريخ ٢٠٢٢/٩/٢٩م فتقدم بهذا الطلب أمامنا طاعناً في حكم التحكيم بالبطلان للأسباب الاتية :
1/ حكم التحكيم جاء بالمخالفة لنص المادة (٣٥) من قانون التحكيم لسنة ٢٠١٦م بإصدار حكمها بانهاء التحكيم لانتهاء المدة وانها قصرت تقصيراً واضحاً في عدم إصدار حكمها خلال القيد الزمني وفي الفترة ما بين حجز الملف للحكم في ٢٠٢٢/٨/٧م و ۲۰۲۲/۸/۲۱م.
٢/ لم تستأنس بقانون الإجراءات المدنية في المادة (٧٠) لمد المواعيد رغم أن هذا القانون ورد في مشارطة التحكيم .
٣/لم تتقيد الهيئة بروح القانون.
٤/ لم تراعي الهيئة الظروف العامة للبلد من مظاهرات وغيرها.
٥/ تناقض القرار حول طلب المراجعة عند حديثه عن قصر المدة اللازمة لإصدار الحكم في ملف التحكيم.
أولاً:الاسباب :
حكم هيئة التحكيم بانهاء إجراءات التحكيم صدر بتاريخ ٢٠٢٢/٨/٢١م وهذا الاستئناف بتاريخ ۲۰۲۲/۱۱/۱م وحيث كان هناك طلب مراجعة امام هيئة التحكيم وفصلت فيه بتاريخ ٢٠٢٢/٩/٢٩م .
وحيث ان ميعاد تقديم طلب البطلان هو خمسة عشر يوماً من تاريخ النطق بالحكم أو من تاريخ علم مقدم الطلب به وفقاً لنص المادة (۱۳) من قانون التحكيم لسنة ٢٠١٦م وحيث كان مقدم الطلب كان قد تقدم بطلب مراجعة للحكم فإنه لا يستقيم أن يطلب منه تقديم طلب بالبطلان إلا بعد صدور القرار في طلب المراجعة لذلك ارى قبول الطلب شكلا لمناقشة موضوعه خاصة وان الطلب فيه ما يستدعي المناقشة.
ثانياً: الموضوع:
وفي الموضوع فان الوقائع تتلخص في انه قد تم تشكيل هيئة تحكيم بموجب قرار محكمة الخرطوم الجزئية على النحو الذي ذكرناه في صدر هذا الحكم وذلك للفصل في النزاع ما بين مقدم المطلب (اعمال المؤهل الهندسية) ، ومالكها عبد الله محمد الأمين والمقدم ضده الطلب (البنك الزراعي السوداني ).
وبعد أن تم التوقيع على مشارطة التحكيم استمرت الإجراءات وبحسب البند رابعاً من مشارطة التحكيم والتي يبدو انها قد صيغت على عجل لم يحدد البند مدة "ثلاثة " المدة المتفق عليها لإنهاء مدة التحكيم لم يحدد ما إذا كانت ثلاثة اشهر ام ثلاثة سنوات أم غير ذلك حيث جاء نص الفقرة (أ) من هذا البند كالاتي : ( توالي هيئة التحكيم إجراءاتها للفصل في النزاع بأعجل ما تيسر على ألا يتجاوز ذلك فترة "ثلاثة" من تاريخ أول جلسة للسماع ويجوز للهيئة تمديدها لفترة اخرى).
وبالرجوع للمحضر نجد أن التمديد تم في جلسة ٢٠٢١/١١/٢٣م وجلسة ٢٠٢٢/٢/١٧م حيث تم التجديد على ص ١٢٤ من المحضر وتم تمديد الفترة إلى ٢٠٢٢/٦/١م ومرة أخرى تم تمديد الفترة إلى ۲۰۲۲/۸/۲۱م وذلك بطلب من الأطراف .
وبعد ذلك استمرت إجراءات السماع إلى أن قفل الدفاع قضيته في جلسة ٢٠٢٢/٨/٧م ومن ثم حددت جلسة ٢٠٢٢/٨/١١م للمرافعات وجلسة ٢٠٢٢/٨/١٨م للحكم وفي جلسة ٢٠٢٢/٨/١٨م المحددة لتلاوة الحكم ذكرت الهيئة أن المدة المتبقية للحكم وهي مدة اسبوع من تاريخ إيداع المرافعات ذكرت أنها فترة قصيرة ولا تكفي لإصدار الحكم وذكرت الهيئة أنها بعد أن تتداول سوف تصدر الأمر المناسب وفي جلسة ٢٠٢٢/٨/٢١م ذكرت الهيئة أنه لم تتم المداولة وتترك الأمر للأطراف بالنسبة لموضوع التمديد عندما ذكر ممثل الإدعاء الأستاذ/ عبد الهادي عابدين أنه لا يمانع من منح الهيئة المهلة الكافية المناسبة لكي تتمكن من إصدار الحكم إلا أن المهندس/ محمد عباس مفوض المدعى عليها اعترض وطلب إنهاء إجراءات التحكيم وانه سوف يطالب بحقوقه في المحكمة وبعد التعقيب حددت جلسة للقرار واصدرت قرارها بإنهاء إجراءات التحكيم وفي هذا الطعن المقدم لا ينازع مقدم الطعن في انتهاء المدة المحددة لإنهاء التحكيم ولكنه يتحدث عن أن السبب في ذلك هو الهيئة ولكن بمراجعة محضر التحكيم تجد أن السبب لم يكن الهيئة لوحدها.
صحيح انه كان هناك ظرف خاص من مظاهرات وظروف امنية وخلافه إلا أن الأطراف ايضاً كان لهم نصيب مقدر في تأخير الفصل في هذه الإجراءات وذلك لغيابهم باعذار مختلفة كالمرض وغيره.
وبالرجوع لقانون التحكيم لسنة ٢٠١٦م نجده ينص في المادة (۳۳) على الفقرة (1) على : (يصدُر حكم هيئة التحكيم بالإجماع أو الأغلبية خلال المدة المتفق عليها او خلال ستة اشهر من تاريخ بدء إجراءات التحكيم في حالة عدم وجود اتفاق على تجديد المدة ) ومن الفقرة (٢) من هذه المادة - (إذا لم يصدر حكم هيئة التحكيم خلال المدة المنصوص عليها في البند (۱) جاز لطرفي النزاع الاتفاق على تمديد المدة وفي حالة الخلاف يجوز لهيئة التحكيم تمديدها لمدة مناسبة بطلب من أحد طرفي النزاع على ان يكون ذلك التمديد نهائياً يجوز بعده لأي منهما رفع دعواه أمام المحكمة المختصة ). ونرى انه مما لا جدال فيه انه يمكن إنهاء إجراءات التحكيم دون إصدار حكم نهائي للفصل في موضوع الخصومة وفقاً لهذه المادة وذلك لانتهاء المدة انظر في ذلك كتاب قانون التحكيم السوداني لسنة ٢٠١٦م النظرية والتطبيق للدكتور / القصيمي صلاح احمد ص ٢١١ حيث جاء فيه ( إذا لم تنته إجراءات التحكيم بموجبها (يقصد المدة ) تنتهي ولاية هيئة التحكيم بنظر النزاع ويجوز للأطراف أو أي منهم الذهاب إلى المحكمة المختصة لرفع دعوى مدنية بذات الأسباب) وجاء في كتاب التنظيم الإجرائي لخصومة التحكيم دراسة تحليلية مقارنة د. عبد المنعم محمد قبيص الناشر دار الجامعة الجديدة على ص (٦۳۱): (يمكن أن تنتهي إجراءات خصومة التحكيم دون صدور حكم الإنتهاء الخصومة كلها وذلك بقرار من هيئة التحكيم المعنية بنظر الدعوى التحكيمية بإنهاء الإجراءات) .. وهذا ما ورد كذلك في كتاب : إنتهاء إجراءات التحكيم دون الفصل في الموضوع للدكتور / عوض أحمد عشيبة - الناشر دار الجامعة الجديدة، ص ٦٥٣ . ولكن السؤال هو هل استنفدت هيئة التحكيم المدة المنصوص عليها في المادة (٢/٣٣) من قانون التحكيم ؟
بالرجوع لحالات التمديد التي تمت في هذه الإجراءات بعد انتهاء المدة المنصوص عليها في مشارطة التحكيم نجد أن كل حالات التمديد التي تمت كانت بموافقة الطرفين والحالة الوحيدة التي لم يتفق فيها الطرفان هي الحالة الأخيرة في جلسة ٢٠٢٢/٨/٢١م المحددة لتلاوة الحكم حيث تقدم ممثل الإدعاء بطلب للتمديد واعترض عليه ممثل الدفاع فكان أن أصدرت الهيئة قرارها بانتهاء التحكيم وأرى أن قرار الهيئة مخالف لنص المادة (۲/۳۳) من قانون التحكيم لسنة ٢٠١٦م والتي تنص على: (...... وفي حالة الخلاف يجوز لهيئة التحكيم تمديدها لفترة مناسبة بطلب من أحد طرفي النزاع يجوز بعده لأي منهما رفع دعواه أمام المحكمة المختصة) لذلك ارى ان الهيئة لم تمارس حقها بموجب هذه المادة بتمديد المدة بطلب الإدعاء خاصة وأن الإجراءات قد وصلت إلى نهاياتها بقفل باب المرافعات وحجز الدعوى للحكم فكان الأولى ممارسة هذا الحق والتمديد لمدة معقولة ومناسبة لإصدار الحكم النهائي بدلاً من إنهاء التحكيم بهذه الصورة بعد كل هذا الجهد والعناء الذي بذل من قبل الهيئة والأطراف وانتهى إلى (لا شيء) فيما يشبه إنكار العدالة بالامتناع عن إصدار حكم نهائي يفصل في الخصومة رغم أن الفرصة لا زالت متاحة لإصدار هذا الحكم وممنوحة لهم وفق القانون، ويحضرني في هذا المقام قول المتنبي : ( ولم أر في عيوب الناس شيئاً كنقص القادرين على التمام )، متمثلاً في ذلك قول ارسطو قبله : ( أعجز العجزة من قدر أن يزيل العجز عن نفسه ولم يفعل ) وحيث أن ترك العمل في منتصفه بغير مقتضى مما لا يرغب فيه " من أخذ الأجر حاسبه الله على العمل " عبارة دارجة على ألسنة الناس حتى اعتبرها البعض من الأحاديث ، ولا شك أن معناها صحيح في الحض على وجوب إكمال العمل المتفق عليه وياتي ذلك في باب اتقان العمل عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ) اخرجه أبو يعلى والبيهقي في شعب الإيمان وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
تعود بعد ذلك إلى قانون التحكيم السوداني لسنة ٢٠١٦م وطبيعة الدعوى التحكيمية وطرق الطعن فيها.
ومعلوم أن التحكيم يقوم على فكرة أساسية مفادها منح الأطراف حرية الإرادة من إحالة النزاع إلى التحكيم دون القضاء المختص، ولكن لضرورة تتطلب أن يكون التحكيم تحت نظر ورقابة القضاء فيما يتعلق بالنواحي الإجرائية وقد جاء في سابقة حديثة منشورة بمجلة السوابق والأحكام القضائية ٢٠٢٠ م ، ص ١٧١ فيما بين مصعب النويري الطيب //ضـد // نعمات محمد عثمان بالنمرة ( م ع / ط م / ٢٠١٩/٥٠٤)، جاء فيها :(دعوى البطلان تختلف عن الطعن بطريق الاستئناف وعند نظر دعوى البطلان فان المحكمة غير معنية باجتهادات هيئة التحكيم وتقديرها للأدلة والوقائع ).
وجاء فيها كذلك : ( أن العيوب التي يجوز التمسك بها في دعوى البطلان يجب أن تكون أخطاء في الإجراء أو عيوباً إجرائية فقط ...). لذلك فإن المحكمة في نظرها لدعوى البطلان فانها لا تنظر في موضوع النزاع الذي سبق للهيئة ان فصلت فيه وإنما تنظر إلى الإجراءات اثناء عملية التحكيم ومدى التزام الهيئة ومراعاتها بمشارطة التحكيم والمحكمة تتقيد في المقام الأول بأسباب البطلان التي نص عليها المشرع في المادة (٤٢) من القانون التحكيم لسنة ٢٠١٦م وهي :
(١/ إذا لم يوجد اتفاق تحكيم، أو كان باطلاً ، أو قابلاً للإبطال ، أو سقط بانتهاء مدته .
٢/ إذا كان أحد طرفي التحكيم وقت إبرامه، فاقداً للأهلية أو ناقصها وفقاً للقانون الذي يحكم اهليته.
٣/ إذا تعذر على أحد طرية التحكيم تقديم دفاعه ..
٤/ إذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع.
٥/ اذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين على وجه مخالف للقانون أو لانفاق الطرفين.
٦/ إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم.... الخ.
٧/ إذا وقع بطلان في حكم التحكيم أو كانت إجراءات التحكيم باطلة بطلان اثر في الحكم.
٨/ إذا تضمن حكم هيئة التحكيم ما يخالف النظام العام في السودان.
وحيث خالفت هيئة التحكيم الإجراءات المقررة في قانون التحكيم فيما يتعلق بتمديد المدة وفق المادة (۲/۳۳) من قانون التحكيم لسنة ٢٠١٦م ، والذي ارتضاه الأطراف وفق مشارطة التحكيم وفي ذلك خرق واضح لهذه المادة مقروءة مع المادة (۱۲) في الفقرتين (٤) و (٧) مما يتعين معه قبول الطلب والحكم ببطلان حكم هيئة التحكيم.
عثمان عطا المنان طه أحمد
قاضي محكمة الاستئناف
٢٠٢٢/١٢/٢٩م
طارق دفع الله وهب الله
قاضي محكمة الاستئناف
٢٠٢٢/١/١١م
د. السمؤل عبد الرحمن
قاضي محكمة الاستئناف
٢٠٢٢/١/١١م
الأمر النهائي :
بطلان حكم هيئة التحكيم
يخطر الاطراف .
السموال عبد الرحمن
قاضي محكمة الاستئناف
رئيس الدائرة
/٢٠٢٢/١/١٢م