الحق في المحاكمة العادلة من حقوق الانسان الأساسية التي اقرتها اغلب المواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان مثل الإعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948م والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966م، ونصَّت عليه الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019م. ولمعرفة عدالة المحاكمات الجنائية يتم النظر الى مجموع إجراءات الدعوى الجنائية ومدى وملاءمتها واتفاقها مع القوانين الوطنية السارية، وأيضاً مدى توافر الحد الأدنى من الضمانات الدولية للعدالة الجنائية في القوانين الوطنية.
ولضمان ملائمة الإجراءات الجنائية المتخذة ضد الأفراد مع القوانين الوطنية، يجب أن تكون "المحكمة الدستورية" مشكلة وقائمة، حتى تتمكن من النظر في دستورية القوانين والنصوص وحماية الحقوق الدستورية والحريات العامة. عدم تشكيل المحكمة الدستورية يحرم الأفراد الخاضعين لإجراءات جنائية من حقهم في تقديم طعون دستورية لحماية الحقوق الدستورية المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، والتي من بينها الحق في المحاكمة العادلة والحق في التقاضي، وهذا يتنافى مع نص المادة (53) من الوثيقة الدستورية لسنة 2019م التي نصت على أن: (يكفل للكافة الحق في التقاضي، ولا يجوز منع أحد من حقه في اللجوء للعدالة). وحق الطعن في استقلالية المحكمة وحيادها أو قضاة المحكمة لضمان احترام "حق المثول امام محكمة مستقلة ومحايدة".
من حق الافراد الذين يواجهون إجراءات جنائية "الطعن دستورياً" إذا تملكهم شكوك في استقلال وحيادة المحكمة، أو تشكيل المحكمة واختصاصها، أو عدم احترام مبدأ تكافؤ الفرص بين الدفاع والاتهام، أو النظر المنصف في الدعوى الجنائية، أو مبدأ افتراض البراءة وغيرها. علماً بأن المحاكمات الجارية حالياً قُدم بشأنها دعاوى وطعون دستورية امام المحكمة الدستورية، ومن المعلوم أن المحكمة الدستورية انتهت ولاية أعضائها بما فيهم رئيس المحكمة من فترة طويلة، ولا يوجد فيها قضاة لتشكيل دائرة للنظر في الدعاوى والطعون. والطعون الدستورية المقدمة حالياً للمحكمة تتعلق بعدم دستورية قوانين ونصوص وحماية الحقوق الدستورية والحريات العامة.
تقاعس الدولة ومؤسساتها وسلطاتها عن الوفاء بالالتزامات الدستورية وعدم إصدار التشريعات المنصوص عليها في الوثيقة ذات الصلة بتشكيل المحكمة الدستورية (قانون مجلس القضاء العالي) الذي بموجبه يتم تشكيل (مجلس القضاء العالي) المختص باختيار رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية، يعتبر منع للأشخاص من اللجوء للعدالة واهدار الحق في التقاضي وتقويض لقيم العدالة ويعرض سيادة حكم القانون للخطر. وإذا ثبت بأن أي "موظف عام" ممن ينطبق عليه صفة الموظف العام حسب القانون اساء او استغل الوظيفة بامتناعه عن أداء وظيفته لغرض الحصول على منفعة غير مستحقة له أو لغيره أو لكيان أو حزب مما يشكل انتهاك للقانون يعتبر ضرب من ضروب الفساد المجرم بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادق عليها السودان في العام 2014م.
الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019م نصت في المادة (6/1) على ان: (يخضع جميع الأشخاص والهيئات والجمعيات رسمية كانت او غير رسمية لحكم القانون) والمادة (6/2) على أن: (تلتزم السلطة الانتقالية بإنفاذ حكم القانون ...) لذلك فان عدم قيام أجهزة الدولة ومؤسساتها بالواجبات القانونية والدستورية الملقاة على عاتقها يدلل على مدى صدقية واحترام الدولة وأجهزتها لحقوق الانسان وسيادة حكم القانون.